بقلم / إسماعيل المحطوري
تعدُّ أجهزة الاستخبارات ذات أهمية استراتيجية قيّمة لدى جميع دول المنطقة، ففي عالم متقلب ومحاط بالهواجس والشكوك ولا يمكن معرفة القيمة الحقيقية للاستخبارات إلَّا بعد اختبار عملها الأمني، فالاستخبارات ليست الميدان الأمني الوحيد للحكومات، لكنها تستخدم من قبل القابعين على عملية صنع القرار؛ من أجل تعضيد تصوراتهم حول الغموض الذي يشوب البيئة الأمنية (الداخلية، والخارجية) انطلاقاً من حيثيات التناغم والتنافر مع المحيط الخارجي.
برزت أهمية دور أجهزة الاستخبارات اليمنية بعد ثورة 21 سبتمبر 2014؛ نتيجة الانتكاسات الأمنية التي ألقت بظلالها على مخرجات نشاطات هذه الأجهزة وعملها في ميدان البيئة الأمنية الداخلية قبل ثورة 21 سبتمبر، حيث كانت العاصمة صنعاء والمحافظات مسرح للجرائم المنظمة واجهزة الاستخبارات الدولية وملاذ آمن للعناصر الاجرامية الدولية من مافيا وغيرهم من الجواسيس الدوليين التي تديرهم الدول كالكيان الصهيوني وامريكا وبريطانيا.
وقد حاول تحالف العدوان الأمريكي السعودي على الوطن من اختراق الجبهة الامنية التي تصدت لهم بكل حزم وصمود في ظل القيادة الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد القائد حفظه الله التي بمتابعته المستمرة والحثيثة نقل المؤسسة الامنية والاستخباراتية إلى نقلات نوعية حيث اصبحت العاصمة والمحافظات التي تخضع للمجلس السياسي الأعلى من شبه انعدام للجرائم المنظمة .
وقد انعكس البناء المتواصل للمؤسسة الأمنية ومنها الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، بنحوٍ فعال على أسلوب إدارة أجهزة الاستخبارات من خلال إعادة النظر في الهيكلية، والتنظيم، والأسلوب، والأداء الاستخباراتي الوطني؛ فإعادة النظر من دمج جهاز الامن القومي وجهاز الامن السياسي في جهاز موحد جهاز الامن والمخابرات جاء نتيجة الحاجة الملحة إلى دور فعال لهذه الأجهزة ، وبالنتيجة فإن مجال عمل هذه الأجهزة ينعكس سلباً وإيجاباً على واقع البيئة الأمنية الوطنية.
وها هي اليوم تدشن المؤسسة الأمنية اليمنية عملية امنية استخباراتية ناجحة في عمق العدو في محافظة مارب المحتلة من قبل العدوان وأدواته وبنفس الذات تتوعد بالعمق الاقليمي خارج اليمن التي تعده استراتيجية “العمق الإقليمي” والتي تهدف إلى كسر مصدات الأجهزة والمنظمات الداعمة لنشاطات التنظيمات التخريبية التي يدعمها ويديرها العدوان الأمريكي السعودي، فمبدأ الدفاع في العمق هو استراتيجية يمكن وصفها بأنها الأنضج والأصلح لأداء مؤسسات الأمنية اليمنية من خلال تفعيل نشاطاتها وتقليل جوانب ضعفها وتعتبر هذه الاستراتيجية الاولى من نوعها في تاريخ المؤسسة الامنية والاستخباراتية اليمنية.
بيان وزارة الداخلية يعتبر نقل الاستراتيجية الآمنة لأجهزة الاستخبارات اليمنية من النشاط المحجم والمحدود محلياً إلى التكتيك الإقليمي الموسع من خلال توسيع رقعة نشاطاتها؛ لتشمل المنشأ والمنطلق الاستخباري المضاد ولاسيما أن اليمن اليوم يعاني من عدوان أمريكي سعودي منذ خمسة اعوام، لذا فالزخم الأمني الاستراتيجي لأجهزة الاستخبارات الوطنية بات بمرحلة الارتقاء الجزئية، ولاسيما من ناحية قياس منحنيات تأثير الأداء، ومنعكسات البيئة الأمنية المستقرة.
يمكن القول إن دور أجهزة الاستخبارات اليمنية في الدائرة الأمنية الداخلية والإقليمية لا يقتصر عمله على الكشف المبكر عن الاعتداءات الإرهابية في الداخل والاختراق المضاد، ولكن يتبلور عمل هذه الأجهزة ليشمل رفد الجهات العليا بمعلومات استراتيجية تعضد وجهة نظر صانع القرار ببعض المعلومات حول المسائل الاستراتيجية الداخلية والخارجية، وإن ارتقاء دور هذه الأجهزة هو انعكاس وظيفي لطبيعة توجهات الإدارة الاستخباراتية نحو صياغة الأمن الوطني الوظيفي، فكلما ارتقى الدور الاستخباراتي لهذه الأجهزة إلى المستوى المطلوب عكس أداء الأمن الداخلي مستوى سقف الطموحات الوطنية وصولاً إلى الهدف المنشود المتمثل بالسيادة الاستخباراتية الوطنية.