| كتابات |
أحمد حمود جريب
نحتفي اليوم بالذكرى السابعة والخمسون لثورة 14 أكتوبر المجيدة، التي مثلت تحولاً استراتيجياً في اليمن والمنطقة العربية برمتها، كونها الوحيدة التي قامت ضد الاحتلال البريطاني الغاصب لعدد من الدول العربية ولكن شعب الجنوب الأصيل وقف في وجه الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس حينذاك بثورة شعبية تحررية وطنية عام 1962م، ليتغلب على كل الظروف القاهرة وكل صنوف القهر والإذلال والاستنزاف والعبودية لينتصر للحرية والكرامة منتزعاً الجنوب أرضاً وإنساناً من مخالب الغزاة بعد 129 عاماً من الاستعمار
ولو عدنا إلى المراحل التي مرت بها ثورة 14 أكتوبر سنجد أن الوعي الشعبي كان له دوراً بارز في دحر الاحتلال البريطاني ، فأبناء المحافظات الجنوبية في كل المحافظات والمديريات وقفوا وقفة رجل واحد في صف الحرية وإلى جانب الأحرار، فأثار حراكهم السلمي الرافض للاحتلال فزع المستعمر البريطاني الذي استخدم الترهيب والترغيب فواجه الاحتجاجات الرافضة لتواجده بالقمع والمال، ففشلت أصوات المدافع وهدير الطائرات في إسكات صوت الحرية والتحرر من الاستعمار.
اليوم وإن كان المحتل الجديد أقل قوة وأضعف من المستعمر البريطاني، إلا أنه يمضي وفق مخطط استعماري خطير أعد من قبل العدو الإسرائيلي الذي حاول ويحاول منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي أن يوجد موطئ قدم له في المحافظات الجنوبية وفي باب المندب، فدويلة الإمارات غدت أحد أبرز أيادي الاستعمار الجديد وأداة تنفيذية لمؤامرة إقليمية لا تخرج عن نطاق الأجندة والمطامع الإسرائيلية والأمريكية، ورغم وضوح أهداف التحركات الإماراتية والسعودية في الجنوب منذ سنوات، لكنها أصبحت أكثر وضوحاً مؤخراً بعدما أعلنت أبوظبي تطبيعها وولاءها لتل أبيب ، فالوجود الإماراتي اليوم في المحافظات الجنوبية أصبح امتدادا للوجود الإسرائيلي في المنطقة والمحافظات الجنوبية، ولعل تحالف الإمارات مع بقايا نظام 7/7 في المخا وفي عدن، يدل على أن عملاء إسرائيل السريين والذين كشف عنهم رسمياً بموجب وثائق رسمية في صنعاء قبل أيام مجرد حماة للمصالح الإسرائيلية ومنفذين لأجندتها في اليمن ولا علاقة للوطنية أو الجمهورية بأي تحرك عسكري لهم في الساحل الغربي أو في بئر أحمد أو إدارتهم للسجون والمعتقلات السرية الممتدة من عدن وحتى الساحل الغربي، فأولئك المرتزقة ليسوا سوى أدوات رخيصة يستخدمها الغزاة للعب دور محدود سينتهي بتنفيذ الأجندة الخفية للاستعمار الجديد على أرض الواقع.
لذلك وفي ظل المخاطر والمؤامرات التي تحيط بالمحافظات الجنوبية، فإن ذكرى ثورة 14 أكتوبر يمثل محطة سنوية هامة لاستهام العبر منها، فهذه الذكرى تمثل اليوم فرصة لإحياء الضمائر اليمنية واستنهاض الهمم لمقارعة الاحتلال وطرد الغزاة اليوم الذي يتواجدون في المهرة وسقطرى وفي مطار الريان وفي قاعدة العند وفي مدينة عدن وفي ميناء بلحاف بشبوة، واذكر أبناء الجنوب المغرر بهم من قبل المحتل الجديد، أن الاستعمار لا يبني الأوطان ولا يحررها بل يستبد أهلها ويسحق كرامتهم ولعل السجون السرية وجرائم الاعتقالات والاخفاء القسري والتصفيات الجسدية “كالاغتيالات “والسيطرة على المواقع الاستراتيجية وتناهب الموارد وتقاسم الثروات وتدمير البنية التحتية وضرب الوحدة الاجتماعية وخلق الصراعات وتغذية الخلافات البينية هي المشروع الذي يحمله المستعمر الجديد.
فالأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية، يؤكد أن عوامل الثورة أصبحت شبة مكتملة، وإن إرادة أحفاد أبطال ثورة 14 أكتوبر اليوم وقوة الحق سوف تسقط كافة المخططات الاستعمارية وستنهي الوجود العسكري الأجنبي في المحافظات الجنوبية إلى الأبد.