بقلم/ نجيب العنسي
لم يكن الإعلام في يوم ما مجرد راصدٍ للأحداث وناقلٍ للأخبار.. فلقد كان على الدوام مشاركاً بنسب متفاوتة في صناعة الحدث، بما يمتلك من قدرة على التأثير السلبي أو الإيجابي على التوجهات والقرارات، ناهيك عن دوره في صناعة الرأي العام، وتسويق السياسات.
لقد أعطت الثورة التكنولوجية للتأثير الإعلامي أبعاداً جديدة، فاتسع نطاق هذا التأثير، ليصبح الإعلام منذ بداية القرن الواحد والعشرين الشريك الرئيسي في صناعة الأحداث ورسم السياسات، والمتحكم في تشكيل العلاقات والمواقف الدولية.
وصار الإعلام أهم وسائل إدارة الصراعات، وأخطر أسلحة الحروب.
لقد أعطت الثورة التكنولوجية للتأثير الإعلامي أبعاداً جديدة، فاتسع نطاق هذا التأثير، ليصبح الإعلام منذ بداية القرن الواحد والعشرين الشريك الرئيسي في صناعة الأحداث ورسم السياسات، والمتحكم في تشكيل العلاقات والمواقف الدولية.
وصار الإعلام أهم وسائل إدارة الصراعات، وأخطر أسلحة الحروب.
الإعلام كسلاح رئيسي للعدوان على اليمن
أ – الحرب النفسية والدعائية
لقد أعد تحالف العدوان الأمريكي السعودي ترسانة إعلامية ضخمة، كسلاح يستخدمه في عدوانه على الشعب اليمني، إلى جانب الأسلحة القاتلة بمختلف أنواعها، والمرتزقة بمختلف جنسياتهم .
استخدم العدوان ترسانته الإعلامية ليدير حربه على الشعب اليمني بعقلية دعائية توجهها عقيدة إجرامية. فعمل على قلب الحقائق وتزوير الواقع، وصنع الانتصارات الوهمية، وإدارة حرب نفسية قذرة ضد الشعب اليمني في محاولة للنيل من صموده ودفعه لليأس والاستسلام، بالإضافة إلى محاولته تفكيك الجبهة الداخلية للشعب اليمني، عبر اختلاق الشائعات المخلة بالأمن، وترويجها بكثافة، وبشكل شبه يومي.
ب – إعلام العدو من تبرير الجرائم إلى تسويقها
ومع دخول العدوان عامه الخامس، تجاوز إعلام العدوان مهمة التبرير لجرائمه، إلى مهمة أخرى، أكثر خطورة، وهي التسويق لتلك الجرائم، والتباهي بارتكابها. ومحاولة خلق توجه ورأي عام محلي وإقليمي ودولي مساند ومبارك لما يرتكبه من جرائم ضد الشعب اليمني.
وفي المقابل منع العدوان دخول وسائل الإعلام العالمية إلى بلادنا، ليضمن لإعلامه حق احتكار نقل المعلومة والخبر عما يدور في اليمن.
الإعلام اليمني ينهض بدوره منفرداً
وهنا أصبح وجوباً على الإعلامي اليمني أن يقف وحيداً- بما لا يمتلك من إمكانات- في مواجهة الترسانة الإعلامية الهائلة للعدوان التي سُخر لها كل الإمكانات والتكنولوجيا الممكنة.
لكن الإعلامي اليمني يمتلك ما هو أساسي في نجاح الرسالة الإعلامية، ويفتقده إعلام العدو. يمتلك الإيمان بقضيته التي يدافع عنها، ويمتلك صدق الكلمة التي لا تحتاج إلى كثير من الوسائط حتى تصل إلى نفوس الناس، ويمتلك قبل كل ذلك الإيمان بالله، وإرادة التوكل عليه، والثقة به.
الإعلام الحربي اليمني يحقق توازن الردع
استطاع الإعلامي اليمني، ليس فقط نقل حقيقة ما يدور في اليمن، ولم يقتصر نجاحه في القدرة على لفت أنظار العالم إلى ما يرتكبه العدوان في بلادنا من جرائم غير مسبوقة في تاريخ البشرية، بل تمكن الإعلامي اليمني عبر أحد أعظم أجنحته وهو الإعلام الحربي أن يتجاوز الفارق المادي بينه وبين إعلام العدو، فكان أول من حقق توازن الردع في هذه الحرب التي هي في جانب كبير منها إعلامية.
ولا يمكن في هذه الورقة، أو عبر محاضرة أن يتم الحصر أو الإلمام بالتأثير المباشر والغير مباشر الذي حققه الإعلام الحربي، فهذا التأثير يمكن أن يكون موضوعاً واسعاً لبحث علمي أكاديمي، لكن سنذكر عناوين سريعة لبعض النجاحات التي حققها الإعلام الحربي اليمني..
إفشال الحرب النفسية للعدو وتعزيز معنويات المقاتل اليمني
استطاع رجال الإعلام الحربي، وهم في مقدمة الجبهة الإعلامية، أن ينقلوا عبر كاميراتهم المحمولة، المشاهد الأسطورية والصادقة، التي أسقطت جدوى ما يمارسه إعلام العدو من حرب نفسية، ومحاولاته النيل من الروح المعنوية للمقاتل اليمني ولأبناء الشعب على حد سواء، وفي المقابل رفع معنويات المقاتل اليمني، وتعزيز الصمود الشعبي، والإسهام عبر ما ينقله موقف البطولة للمجاهدين، في رفد الجبهات، من خلال تقديم المجاهدين كنماذج يقتدى بها.
تدمير معنويات العدو
وفي المقابل امتد تأثير الإعلام الحربي ليتمكن من تدمير معنويات المعتدي والتأثير عليه لدرجة صار معها مقتنعاً أن مصيره الأسر أو القتل، وأنه يواجه في اليمن رجالاً يستحيل هزيمتهم، بل واستطاع الإعلام الحربي التأثير على كثير من المواقف المؤيدة للعدوان، وخلق حالة واسعة من الانشقاقات وتبادل الاتهامات بالتسبب في الفشل بين دول العدوان وفصائل مرتزقته .
تغيير الصورة النمطية للقوة العسكرية الموجدة لدى الجمهور الخارجي
ومن جانب آخر نجد أن من ملامح التفوق الذي حققه الإعلام الحربي، أنه استطاع عبر ما ينقله من مشاهد الملاحم البطولية التي يسطرها أبناء الجيش واللجان الشعبية، استطاع أن يغرس لدى المتلقي الإقليمي والأجنبي، حقيقة الفشل العسكري للعدوان، والنيل من هيبة القوة العسكرية التي يمتلكها وآلاته الحربية المتقدمة، التي تتهاوى بكل بساطة أمام المجاهد اليمني.
الإعلام الحربي مدرسة إعلامية مستقلة
بالنظر إلى البيئة التي عمل فيها رجال الإعلام الحربي اليمني، والوسائل التي استعانوا بها لإيصال رسائلهم، والمعطيات المحيطة بهم، نستطيع أن نجزم بأن الإعلام الحربي قد حجز له مكانة متميزة في التاريخ الإعلامي، كمدرسة مستقلة لها ملامحها ومميزاتها وخصائصها.
كما أنه قدم كوادر إعلامية متفردة، لم يسبق للإعلام أن شهد مثلها.
فكثيراً ما نجد إعلاميين يوثقون مجريات المعارك، من خلال تواجدهم فيها كشهود مجازفين.
لكن لم يحدث سوى في اليمن أن وجد إعلامي محترف يوثق تفاصيل المعارك، وينقل أحداثها، وهو في ذات الوقت مشارك فيها، بالسلاح إلى جوار الكاميرا، وهو من نستطيع تسميته (بالإعلامي المحارب).