أخبار الرئاسةمتابعات

نص خطاب الرئيس المشاط بمناسبة العيد الثامن لثورة 21 سبتمبر

#وزارة_الداخلية
#الإعلام_الأمني_اليمني
25 صفر 1444 هـ‍

ألقى فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى خطابا، اليوم، بمناسبة العيد الثامن لثورة 21 سبتمبر المجيدة فيما يلي نصه:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارضِ اللهم عن صحابته المنتجبين أما بعد..

باسمي ونيابة عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى بالجمهورية اليمنية، أبارك احتفالات شعبنا بالعيد الثامن لثورته الخالدة، وبهذه المناسبة أيضا أتوجّه بالتهنئة الخالصة إلى قائد الثورة المباركة، السيد المجاهد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي -حفظه الله- وإلى بواسل قواتنا المسلحة والأمن وكافة منتسبي مؤسسات الدولة والحكومة المجاهدة، والتهاني موصولة لكل أبناء مجتمعنا اليمني العزيز بمختلف فئاتهم ومكوناتهم وأعمالهم وصفاتهم من علماء ومشايخ ووجاهات وأعيان وأكاديميين وعاملين في مختلف التخصصات ومواقع النضال، وهي كذلك لكافة الشرفاء من أبناء وبنات اليمن الميمون قاطبة في الداخل والخارج.

أيها الإخوة والأخوات..

إن ما سبق الثورة الخالدة من إرهاصات العقود الخوالي، وما سار عليه حال اليمن منذ عشرات السنين من أحداث وحروب وأزمات، وفشل ذريع في بناء الدولة اليمنية المنشودة، وما أفضت إليه تلك الحقبة الطويلة من تردٍ في جميع المجالات، وكذا ما تلا الثورة من لجوء رموز النظام البائد (في جانبه العميل والمرتهن) من الاستقواء بالخارج، وجلب العدوان والحصار ضد بلادنا وشعبنا، وبتلك الطريقة المخجلة من الانحناءات الذليلة، وعمليات البيع المجاني، ومن العجيب أيضا أن تلك الأدوات تزعم الشرعية، وتنعت نفسها بالحكومة اليمنية، والأكثر غرابة أن المجتمع الدولي لأسباب معروفة يعترف بهذه التوصيفات في موقف مقزز، وسابقة غريبة، وفضيحة دولية لم يسبق لها مثيل في التاريخ، إذ كيف لحكومة تنضم إلى حرب عدوانية خارجية ضد بلد وشعب يفترض أنه بلدها وشعبها.

لقد مضت تلك الأدوات في خواء وطني وفقر قيمي تكشف لشعبنا وللعالم – دونما أي خجل – طبيعة ومهمة النظام البائد، وتثبت بالخطاب وبالممارسة أنهم لم يكونوا في يوم من الأيام لليمن ولا للشعب اليمني، ولعلكم لاحظتم ولاحظ كل العالم كيف أن معظم حصيلة تلك العقود الطويلة التي قضاها النظام البائد في سدة الحكم تحوّلت في لحظة فارقة إلى حصيلة لغير البلاد.

أيها الشعب اليمني العزيز..

لقد مثّلت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد – وما تزال – ثورة الضرورة الدينية والوطنية والإنسانية. وهذا التوصيف -كما ترون- لم نطلقه جزافا أو لغرض المزايدة والكيد السياسي، وإنما يؤكده الواقع المرير الذي صنعته سياسات الارتهان الطويل للخارج المعتدي، وهو – لاشك – واقع يكتظ بمصفوفات لا تنتهي من الشواهد العملية، والحقائق المثيرة للأسى والحزن، وبغية الاختصار سأترك للأقلام الشريفة مهمة استكمال الحديث عنها، واحث على ذلك لا لشيء وإنما فقط ليدرك الجميع أهمية هذه الثورة المباركة وضرورتها الواضحة لشعبنا ليس فقط سياسيا وإنما قيميا وأخلاقيا أيضا، وكذلك ليزداد شعبنا يقينا بعظمة وقيمة ما يجترحه من نضالات وتضحيات ضمن قضيّته التي تمثل اليوم واحدة من أكثر قضايا البلدان والشعوب شرفا وعدالة.

أيها الإخوة والأخوات..

وبعد ثمانية أعوام من نضالات الثورة الخالدة يحق لشعبنا أن يفخر بصموده وتضحياته وانتصاره لكرامته، وأن يدرك جيدا بأن ثورته المباركة قد بدأت بشائرها في الأفق، ويكفي أنها تضع اليمن ولأول مرة على طريق الاستقلال والسيادة بمعناهما الوثيق والموثوق، وهذا يعني أن اليمن يسير باتجاه إنجاز الشرط الأساس والجوهري في النهوض بالبلدان وبناء الدول الحقيقية، وبمجرد استكمال هذا الاستحقاق المهم والخلاص من براثن الوصاية الخارجية، سوف تجدون -إن شاء الله- يمنا مختلفا، ولن يبقى يراوح مكانه ضمن تصنيف الدول الهشة والبلدان الأكثر فقرا كما كان عليه الحال طوال الستين عاما الماضية، وإنما ستجدونه ينطلق انطلاقة مختلفة تماما كغيره من البلدان المستقلة التي انتقل بعضها من مربع دول الفقر والمرض والفوضى إلى مربع الدول الغنية والمستقرة في غضون فترات قياسية قصيرة.

أيها الإخوة والأخوات ..

لقد أحرزت الثورة الخالدة الكثير من التحولات الخلاقة في طرائق التفكير السياسي وتصورات البناء، وأصبحت تستند إلى إرث جهادي كبير وتجربة عملية مهمة وملهمة، أكسبتها العديد من المزايا الواعدة بالخير، وأخص بالذكر ميزتين نادرتين:

الأولى: ميزة النمو في الهواء الطلق بعيدا عن الإملاءات والوصاية الخارجية، لتحصد بذلك استحقاق القرار الوطني المستقل.

والثانية: ميزة الميدان والتحرك الفعلي وهي ميزة تضعنا أمام ثورة نضجت مداركها وتجاربها تحت النار والحصار، ولم تحبس نفسها في قوالب التنظيرات والانشاءات اللفظية أو الكلامية، ولذلك أتقنت دروس البقاء والنماء في مختلف الظروف والتحديات، وتعلمت كيف تبني وتحمي في بيئة تموج بالصعوبات والأهوال والأخطار.

ومن هنا أعلن لشعبنا اليمني العزيز بكل ثقة عن انتقال ثورته الخالدة من طور الصراع والقتال من أجل الوجود والبقاء إلى طور الثورة التي جاءت لتبقى، وقد أصبحنا الآن نقاتل من أجل التحرير والبناء بما في ذلك العمل المكثف من أجل السلام الضامن لسيادة البلاد واستقلالها وأمنها واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها، وبفضل الله وحكمة قائد الثورة نبذل حاليا جهودا مكثفة ومخلصة وعبر كل المسارات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية من أجل تحقيق كل ذلك، وفي هذا السياق أختم بما يلي:

أولا: نجدد التهاني والتبريكات للجميع ونشد على أيدي الجميع في مواصلة الجهود المباركة في كافة مجالات ومسارات العمل، ومضاعفة العمل الدؤوب من أجل ترسيخ قيم الإخاء والمحبة والتسامح والتعايش في أوساط مجتمعنا العزيز، والارتقاء المستمر بحالة الوعي العام إزاء كل متطلبات ومقتضيات المرحلة، وتثمير قيم الثورة وأخلاقياتها المعبرة عن خصائص شعبنا العزيز، وطباعه النبيلة المرتكزة على الصبر والوفاء وعلى التعاون والتكامل بين كل أفراد وقيادات ومكوّنات المجتمع الواحد على المستويين الشعبي والرسمي، والابتعاد التام عن كل ما يندرج ضمن أسباب الفرقة والكراهية، سواء على مستوى الخطاب أو الممارسة.

ثانيا: نؤكد حرصنا الكبير على السلام والانفتاح على كل الجهود والمساعي الخيرة، واستعدادنا التام لتبادل معالجة المخاوف، وضمان المصالح المشروعة مع محيطنا العربي والإسلامي، ومع كل دول العالم التي يعترف بها شعبنا اليمني العظيم، وفي هذا السياق أدعو قيادة الحرب في الجانب الآخر إلى الانتقال المشترك من استراتيجيات الحرب والسياسات العدائية إلى استراتيجيات وسياسات السلام، والعبور المشترك نحو إصلاح وتصحيح ما بني على استراتيجيات الحرب من قرارات، وتصنيفات وممارسات وتصورات عدائية، وحقيقتها إما أنها غير صحيحة، أو أنها على الأقل مبالغ فيها، وصولا إلى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال بشكل كلي، ومعالجة آثار وتداعيات الحرب، والتعاون في إصلاح ما أفسدته الحرب.

ثالثا: أدعو المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة إلى دعم خيارات السلام الجاد والحقيقي، والبدء الفوري في تعديل السلوك الذي دأبوا عليه، باعتباره سلوكا معيقا ومحبطا ومنحازا، ولا يساعد أبدا على بناء الثقة وتحقيق السلام بقدر ما يدخل ضمن العوامل المباشرة التي تقف وراء إطالة أمد الحرب، والأسباب التي عادة ما تحول مسار التفاوض من مفاوضات سلام إلى مفاوضات استسلام، وفي أحسن الأحوال إلى مفاوضات تكتيكية لشراء الوقت أو لغايات رفع الحرج وامتصاص الضغوط، وهذا يقتضي العمل على تصحيح المنطلقات، والتخلي عن التوصيفات الكاذبة، سواء تلك التوصيفات المتعلقة بطبيعة الحرب القائمة أو المتصلة بموضوعات الشرعية، وهي توصيفات يجب التخلي عنها لصالح السلام خاصة وأن الجميع يدرك تماما أن هذه التوصيفات مجرد أكاذيب لا يدعمها الواقع ولا المنطق ولا القوانين (فالحرب ليست أهلية، وما تسمى بالشرعية كلنا نعرف مصدرها وطبيعتها وحقيقتها).

لقد حان وقت السلام، وفي معرض السلام لا ينبغي للخارج أن يكذب الكذبة ويصدقها إلى ما لا نهاية، أو يتخذ من مدلولات التوصيف عوائق مستدامة في طريق السلام متناسيا أن التوصيف بكله كاذب.

رابعاً: وفي سياق الحرص على تهيئة عاجلة، وتعاون جاد في خلق أجواء داعمة، وتجنب أي تعقيدات محتملة، فإنني أدعو قيادة الحرب في الجانب الآخر إلى سرعة الانخراط العملي في إجراءات بناء الثقة، بدءا بالخطوات الضرورية في الجانبين الإنساني والاقتصادي، وفي مقدمة ذلك رفع الحصار عن الموانئ والمطارات اليمنية، وضبط موارد الثروات النفطية والغازية بما يكفل صرف الرواتب إلى جانب العمل على إحراز التقدم المطلوب والمشجّع في تبادل إطلاق الأسرى والجثامين، والكشف عن المفقودين، ومن جانبنا -كطرف صنعاء- نؤكد جاهزيتنا التامة للدخول الفوري في إنجاز هذه الخطوة الإنسانية على قاعدة “الكل مقابل الكل”، وغيرها من الخطوات في هذا السياق الإنساني والاقتصادي، تمهيدا للانتقال إلى وقف إطلاق نار دائم، آملين أن تحظى هذه الدعوة لدى الجانب الآخر بنفس المستوى لدينا من الاهتمام والحرص والمصداقية.

تحيا الجمهورية اليمنية

المجد والخلود للشهداء – الشفاء للجرحى – الحرية للأسرى

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى