#وزارة_الداخلية
#الإعلام_الأمني_اليمني
23 صفر 1444 هـ
حمل العرضُ العسكريُّ غيرُ المسبوق الذي نفّذته وحداتٌ رمزيةٌ من قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية تحت عنوان “لهم الأمن” رسائلَ ودلالاتٍ بالغةَ الأهميّة على كُـلّ المستويات، حَيثُ عكس العرض صورةً واضحة وصادمة لفشل تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي في استهداف المؤسّسة الأمنية وتدميرها وإعاقتها عن القيام بمسؤولياتها وتطوير قدراتها على امتداد ثمانية أعوام، كما عكس بالمقابل وبشكل مدهش حجمَ نجاح برنامج البناء الذي حملته ثورة 21 سبتمبر، واستيعاب قيادتها الاستثنائية لتحديات المرحلة التاريخية، وتطلعات المستقبل، بالشكل الذي يتغلب على الظروف الصعبة ويحقّق تحولات جذرية تليق بصعود قوة جديدة فاعلة ومؤثرة على مستوى المنطقة بأكملها.
صورةٌ واضحةٌ لهزيمةِ العدوان
كحال مختلف مؤسّسات الدولة، لم تكن المؤسّسة الأمنية في وضعٍ جيدٍ أَو حتى طبيعي قبل ثورة 21 سبتمبر، إذ كانت البلاد قد أغرقت عمدًا في حالة من الفوضى وصلت إلى حَــدِّ وصول التنظيمات التكفيرية التابعة للاستخبارات الأمريكية إلى داخل مقرات الجيش والأمن في صنعاء وتنفيذ تفجيرات وعمليات إجرامية واسعة، واغتيالات واختطافات دفعت بالكثير من منتسبي قوات الأمن إلى اللجوء إلى الزي المدني للتمويه حفاظا على حياتهم.
هذا الوضع مثّل تحدياً كبيراً أمام مسار التغيير الثوري، وتضاعفت درجة التحدي إلى حدود قصوى مع شن العدوان الذي ركّز بشكل كبير على استهداف المؤسّسة الأمنية و”فتح معركة تستهدف الشعب اليمني في أمنه واستقراره إلى جانب العدوان والعسكري والمجازر”، كما يؤكّـد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
بين هذا المشهد ومشهد العرض العسكري المهيب الذي احتضنه ميدان السبعين يوم الخميس لوحدات رمزية من قوات الأمن، ثماني سنوات لم يكف فيها العدوّ عن استهداف المؤسّسة الأمنية بل وسع مؤامراته وطوّرها وجنّد لها عدداً كبيراً من خلاياه الإجرامية ومرتزِقته، والتحول المدهش الذي جسّده العرض يمثل شهادة تاريخية على أن تحالف العدوان لم يفشل فقط في إكمال تدمير المؤسّسة الأمنية التي كانت تعاني من ظروفا صعبة أصلاً، بل فشل أَيْـضاً في إعاقة عملية التغيير والبناء التي نفذتها ثورة 21 سبتمبر.
قائدُ الثورة حرص على تسليط الضوء على هذه الدلالة بالذات في كلمته خلال العرض، ليوجهها كرسالة للأعداء بأن نماذج إخفاقاتهم وفشل مساعيهم في اليمن ليست ثانويةً وتقليدية بحيث يمكن تقييم المعركة بمعزل عنها، ففشلهم في تدمير المؤسّسة الأمنية وبروزها بعد ثمانية أعوام بهذه الصورة التأريخية، هو مظهرٌ رئيسي وتأريخي من مظاهر هزيمة العدوان بشكل عام؛ لأَنَّ المعركةَ الأمنية كانت ذات أولوية قصوى للعدو إلى حَــدِّ أنه عول عليها كَثيراً لتعويض عجزه العسكري عن تحقيق أهم أهدافه وهو إسقاط صنعاء، إلى جانب أن ميدان هذه المعركة يتقاطع مع ميادينَ أُخرى رئيسية من ميادين المواجهة، وبالتالي فَـإنَّ فشلَ العدوان هنا هو معطًى ثابتٌ من معطيات حتمية هزيمته الكاملة في الحرب، وليس مُجَـرّد تراجع بسيط في المواجهة.
الدولةُ اليمنية الجديدة
من أبرز دلالاتِ ورسائلِ العرض غير المسبوق لقوات الأمن، إلى جانبِ إثبات حتمية هزيمة العدوان، هو تقديمُ برهان إضافي على حتمية خروج اليمن من هذه المعركة كقوة جديدة متماسكة داخليا، ومؤثرة بشكل غير مسبوق على مستوى المنطقة.
هذه الرسالةُ ترتبطُ برسالة هزيمة العدوان، من حَيثُ إن هذا الأخير جاء في الأَسَاس لإعاقة صعود الدولة اليمنية الجديدة والقوية التي حملها مشروع ثورة 21 سبتمبر، غير أن مشاهد العرض العسكري لقوات الأمن، والعروض السابقة للقوات المسلحة، كانت صادمة للعدو بشكل أكّـد على أن ما استطاعت ثورة 21 سبتمبر الوصول إليه قد تجاوز حتى “المخاوف” التي شن العدوان لأجلها، وأن خروج الأمر عن السيطرة قد وصل إلى نقطة لم يعد بالإمْكَان عندها حتى التفكير بالعودة إلى الوراء.
ويبدو بوضوح أن القيادة الثورية عمدت إلى توضيح هذه الحقيقة للعدو بشكل مقصود من خلال العروض غير المسبوقة، والإعلان عن اكتمال دمج الجيش واللجان الشعبيّة، والتأكيد على أن صنعاءَ هي الممثلُ الرسميُّ للجمهورية اليمنية، حَيثُ تحمل هذه المعطيات إشارات واضحة إلى أن الدولةَ اليمنية الجديدة ومشروعَها السياسي والأمني والعسكري المناهض للوَصاية قد أصبحت واقعاً ملموساً للجميع.
اليمنُ المؤثِّر إقليمياً
رسالةُ صعود الدولة اليمنية الجديدة، وضّحتها وأكّـدتها بشكل صريح الرسائلُ غيرُ المسبوقة التي وجّهها قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في نهاية كلمته خلال العرض، والتي تضمنت الإعلانَ عن استعداد اليمن “للإسهام في التعاون الأمني مع شعوب الأُمَّــة“؛ انطلاقاً من حقيقة أن “أمن اليمن هو لصالح المنطقة كلها”.
هذا الإعلانُ التاريخي هو تأكيدٌ واضحٌ على أن مشروع الدولة اليمنية القوية والمؤثرة قد تجاوز التحديات الوجودية والسياسية وتحديات القدرات والإمْكَانات التي فرضها العدوان والحصار، وهذه الرسالةُ تتجاوَزُ حتى مسألةَ هزيمة العدوان، وتؤكّـد على أن اليمن يصنعُ تحوُّلًا تاريخيًّا في المنطقة بكلها، وأن انتصارَه على قوى الوَصاية الغربية وأذرعها الإقليمية، هو فاتحةُ الطريق لانتصاراتٍ أشملَ وأوسعَ في المعركة الجامعة بين الأُمَّــة وأعدائها.
(صحيفة المسيرة)